المرحلة الثانية 1977- 1991م
بعض النقاد يعتبر ان البداية الحقيقية لأدب الأطفال الأردني، كانت في عام 1977م، إذ تظافرت خلال ذلك العام وما بعده مجموعة من العوامل التي أعطت دفعة قوية لأدب الأطفال مثل؛ عام الطفل الدولي، دخول الجمعية الملكية الأردنية عالم النشر للأطفال في مجال الكتب العلمية، إصدار مجلة سامر الشهرية للأطفال، ظهور إحدى رائدات أدب الأطفال الأردني روضة الهدهد التي استطاعت ان تنشر عدداً من كتبها بشكل جميل، وبطريقة توزيع جيدة نسبيا.
في عام 1979م وهي سنة الطفل الدولية، هذه السنة شكلت التفاتة مهمة إلى أدب الأطفال، فقد فتحت المجلات الرسمية التي تصدر عن وزارة الثقافة المجال لنشر الكتابات الموجهة للأطفال بهذه المناسبة، مما لفت نظر عدد من الكتاب والأدباء والمهتمين إلى هذا الأدب الناشيئ.
ويمكن النظر إلى تجربة روضة الهدهد كتجربة تستحق النظر، إذ انها ربما كانت أول كاتبة أطفال في الأردن تدخل عالم نشر الكتب بشكل سنوي متواصل، إذ استطاعت ان تقدم كتبا بهذه الطريقة لفترة طويلة، وكان هذا أمر نادر الحصول في الأردن، إضافة إلى تواصلها الدائم مع قرائها عن طريق ملحق الأطفال النشط في صحيفة الدستور اليومية، هذا الملحق الذي تميز باستقطابه لعدد من الأطفال الموهوبين في مجال الكتابة، بعضهم أصبح من كتاب الأطفال المعروفين فيما بعد.
تتميز كتابات روضة الهدهد بالتأريخ للبطولات الوطنية والدينية، خاصة في فلسطين، مما أعطى كتبها قبولا كبيراً في أوساط الناس الذين وجدوا فيه فرصة لتعليم أطفالهم وتثقيفهم وطنيا ودينيا.
في الفترة نفسها التي ظهرت فيها روضة الهدهد، بدأت تغريد النجار مشوارها في نشر كتبها القصصية التي أخذت منحنى طفولي بحت، والمتتبع لمسيرة هذه الكاتبة وكتبها يجد انها تشكل بحق أدب أطفال راق، وتتميز بطباعة فاخرة ملونة قريبة من نفسيات الأطفال.
وعلى الجانب الآخر، بدأت مجلة سامر التي صدرت عام 1977م، ويمكن الإشارة إلى أحد ابطالها، ونقول كلمة بطل، لأننا امام إنسان مجاهد بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فهو أحد الذين حملوا لواء أدب الأطفال بجد واخلاص، نحن نتحدث عن المرحوم أحمد أبو عرقوب الذي قدم من خلال هذه المجلة عدداً من القصص التي ظهرت فيها علامات النضوج والبلوغ الأدبي بشكل مبكر.
هذه الأسماء الثلاثة التي ظهرت في هذا الوقت، إلى جانب أسماء أخرى، ظهرت في الفترة نفسها، أو في السنوات التالية، ساهمت في نقل أدب الأطفال الأردني إلى مرحلة جديدة، ومن هذه الأسماء التي تنشر لأول مرة، أو انها واصلت مشوارها في إنتاج قصص ومسرحيات وشعر الأطفال، ونذكر منهم : زهير كحالة، يوسف العظم، عيسى الجراجرة، د. شحادة الناطور، فخري قعوار، د. كمال رشيد، شهلا الكيالي، أحمد جبر، يوسف حمدان، علي البتيري، اكرم أبو الراغب، حسن ناجي، محمد بسام ملص، أمل منصور، محمد الظاهر، أحمد كواملة، هاشم غرايبة, رندا الشاعر، د. عماد زكي، منير الهور، عطية محمد عطية.
وفي مجال المسرح، نذكر كاتبا استطاع ان ينتظم في إصدار الكتب المسرحية، وان يثري الساحة الأدبية الأردنية بأكثر من عشرين كتاباً ما بين عامي 1983-1990م، وهو الأستاذ زهير كحالة.
وقد تميز أدب الأطفال الأردني في هذه الفترة بعدة أمور منها:
أولاً: زيادة الوعي لدى الكتاب والأدباء والناس بشكل عام لأدب الأطفال، وقد أدى هذا إلى دخول عدد كبير من الأدباء في مجال الكتابة للأطفال، وللأسف فإن الغالبية العظمى منهم لم تتخصص في كتابتها للأطفال، بل كانت تمارس هذا النشاط جنبا إلى جنب مع كتابتها الموجهة للراشدين.
ثانياً: شهدت هذه المرحلة توجه عدد غير قليل من النساء للكتابة للأطفال، وقد اسهم هذا في اثراء تجربة أدب الأطفال.
ثالثاً: زيادة اهتمام دور النشر باصدار كتب أطفال، وان لم يصل هذا الاهتمام إلى تشكيل ظاهرة معقولة، ولكنه كان عملا ايجابيا.
رابعاً : مع كل ذلك، فإن معظم الكتاب والأدباء قاموا في هذه المرحلة بطباعة كتبهم الأدبية الموجهة للأطفال على حسابهم الخاص، مدفوعين بالحماس الشديد لهذا الأدب.
المرحلة الثالثة: 1991م حتى الوقت الحالي
في هذه المرحلة، حصلت نقلة إيجابية في إنتاج أدب الأطفال الأردني، إذ واصل في هذه المرحلة عدد من الكتاب نشر ابداعاتهم في الصحف والمجلات والكتب، وكذلك شهدنا توجه عدد من الأدباء للنشر في مجلات عربية واسعة الانتشار، ومن هؤلاء الذين بدأوا أو واصلوا النشر في هذه الفترة: علي البتيري، شهلا الكيالي، يوسف الغزو، روضة الهدهد، د.محمود الشلبي، عيسى الجراجرة، محمد جمال عمرو، محمود أبو فروة الرجبي، نادية العالول، صباح المدني، جهاد الرجبي، تغريد النجار، عبير الطاهر، أحمد النعيمي، سميرة ديوان، سها العزة، اميمة الناصر وغيرهم.
رغم عدم تحقيق تطور كبير في عملية نشر أدب الأطفال بشكل يرضي الأدباء، الا ان أدب الأطفال الأردني بدأ يسير بخطوات مدروسة وواثقة في هذه الفترة، التي شهدت أيضاً لأول مرة دخول مجموعة من الشباب للكتابة في هذا المجال، بعد ان كانت شبه محصورة في السابق في صفوف الكتاب كبار السن، وهذا من شأنه ان يثري التجربة، ويعطيها بُعدا أكثر احترافية.